السبت، 16 يونيو 2012

المدخل التفاوضى ودوره فى تنمية التحصيل والتفكير التاريخى والميل من خلال تدريس مادة التاريخ


         المداخل التدريسية هي العمليات والمواقف والإمكانيات التي يوفرها المعلم في المواقف التعليمية وذلك لتحقيق الأهداف التي سبق تحديدها ، وكثيراً ما يواجه معلم التاريخ صعوبات فى تدريس المادة، قد يرجع بعضها إلى طبيعة المادة والبعض الآخر إلى أساليب تدريس المادة ، وبما أن طبيعة التاريخ لم تتغير ، فإن المسئولية تقع على المداخل التدريسية التى يستخدمها المعلم فى مواجهة هذه الصعوبات.[1]
      وهناك العديد من المداخل التدريسية التى تناسب طبيعة موضوعات مادة التاريخ التى تجعل منها مادة مشوقة للطلاب ووظيفية فى حياتهم، ومن هذه المداخل التى تسهم فى الاستفادة من طبيعة المادة لتنمية التحصيل المعرفى ومهارات التفكير وقدرات وميول الطلاب نحو دراسة المادة "المدخل التفاوضي" ، ومع أهمية هذا المدخل فى تناول موضوعات التاريخ، فإنه يتطلب ويعتمد على الإعداد الجيد للإستفادة منه فى تحقيق وظائف وأهداف مادة التاريخ ويترتب على ذلك أن يتغير دور المتعلم إلى دور إيجابى فى المواقف التدريسية، فهو أصبح الميسر للعملية التعليمية .[2]
       والمدخل التفاوضي هو المدخل الذى من خلاله يتم دارسة التاريخ للتحقق من مصداقية الأحداث التاريخية وللتوصل الى الأسباب الحقيقية وللاستفادة القصوى من طبيعة المادة، فهى تمثل البرهان والدليل التاريخى على الأحداث التاريخية، وتسهم فى تنمية مهارات التفكير التاريخى وذلك لكونها أداة بحث واستقصاءعن الأسباب الجوهرية لمجريات الأحداث التاريخية التى أدت الى لجوء الدول للتفاوض وعقد الاتفاقيات ،والى لجوء الشعوب الى الثوره على الأنظمه القائمه لتحقيق مطالبها المشروعه ،بما يتضمنه ذلك من التدريب على مهارات التفكير المختلفة منها الملاحظة والتمييز بين وجهات النظر والحقائق والإستنتاج والنقد البناء ووزن الأدلة وإصدار الأحكام تجاه الأحداث التاريخية.
      ولذلك فإن المدخل يساهم فى تنمية مهارات التفكير التاريخى والفهم الواعى لطبيعة المادة ، فيصبح الهدف من دراستها تحديد ماذا حدث؟ ومتى حدث؟ وكيف؟ والاستفادة من الوقائع والأحداث فى فهم الواقع، ويجعل من الطالب محوراً هاماً فى العملية التعليمية ،حيث يتغير موقفه السلبى إلى دور إيجابي، فيظهر دوره ونشاطه بصورة واضحة في الموقف التعليمى، ويتغير دوره من مجرد متلق للمعلومات الى دوراً فعال للاستفادة من هذه المعرفة التاريخية والتدريب على مهارات التفكير التاريخى لتطبيقها فى الحياة اليومية.[3]
    ومن خلال ذلك نجد أن الهدف من دراسة التاريخ ليس اكتساب أكبر قدر من المعلومات التاريخية ، بل هي وسيلة لاكتساب مهارات التفكير التاريخى التي تتضمن" الملاحظة والاستنتاج والتمييز بين الأدلة التاريخية والتحليل لها وإصدار الأحكام في ضوئها"،  حيث إن طبيعة مادة التاريخ هنا من خلال هذا المدخل سوف تعتمد على الأدلة التاريخية لإثبات الحقائق وتنمية المفاهيم ،ويمكن أن تتغير وجهات النظر في الأحداث التاريخية ويتوقف ذلك على ما تثبته الأدلة التاريخية من أحكام ، حيث إنها تعطى صورة حقيقية عن هذه الأحداث(سواء كانت ثوره او معاهده) قامت بها الدول والشعوب. فتجعل من تدريس مادة التاريخ مادة وظيفية يشعر بها الطلاب فى حياتهم ويميلون الى دراسة التاريخ وتعرف الأحداث الماضية للاستفادة منها فى استشراف المستقبل.[4]
ويعد المدخل التفاوضى من المداخل الهامة التى لها قيمة تربوية كبيرة حيث إن البيئة المحلية تعد معملاً لتدريس التاريخ ، فهو يعرض الظواهر المختلفة فى البيئة المحيطه بالفرد منها (السياسة-الاقتصادية – الثقافية- العسكرية- الدينية) ،مما يجعل الطلاب على وعى واتصال بالمعرفة التاريخية المباشرة دون الحواجز الزمانية والمكانية التى يعانى منها الطلاب الآن فى دراسة الأحداث التاريخية.[5]
      وتسهم البيئة المحلية فى تنمية العديد من المهارات لدى الطلاب ومنها مهارة الوصف والمشاهدة والتفسير والتحليل وإدراك العلاقات بين الأحداث ، فدراسة الأحداث التاريخية من خلال البيئة المحلية تجعل دراسة التاريخ ‘ذات طابع خاص فيشعر الطالب بأهمية المادة من حيث كونها تلمس جوانب من حياته فهى تبدأ من المباشر إلى غير المباشر، ومن دراسة الأحداث المحلية المحيطة بالطالب إلى دراسة الأحداث العالمية، ومن هنا يشعر الطلاب بقيمة مادة التاريخ بالنسبة لهم ويسهم هذا المدخل في جذب انتباه الطلاب إلى دراسة التاريخ ويجعل من دراسته أكثر تشويقاً، ويعتبر هذا المدخل من المداخل المفيدة في دراسة تاريخ الثورات المصرية لأنها زاخرة بالآحداث .
        فمن خلال المدخل يتم توليد الأفكار والآراء الإبداعية من الأفراد والمجموعات لحل مشكلة معينة من خلال وضع الذهن فى حالة من الإثارة والتأهب للتفكير فى كل الاتجاهات لتوليد أكبر قدر من الأفكار حول المشكلة أو الموضوع المطروح، بحيث يتاح للفرد جو من الحرية يسمح بظهور كل ما يمكن من الآراء والأفكار، فيعتبر المدخل التفاوضي من المداخل التى ازداد تأكيد الخبراء على أهميتها فى العملية التعليمية ،لأنه يرتكز على نشاط المتعلم الذهنى ويجعله أكثر فاعلية فى المواقف التعليمية .[6]
ومن الدراسات التى اكدت فاعلية المدخل التفاوضى فى تنمية تحصيل الطلاب ومهاراتهم وتكوين لديهم ميل واتجاه ايجابى نحو التعلم دراسة:
دراسة "جيريسلفى واخرون"(2011)
هدفت الدراسة الى قياس فاعلية المدخل التفاوضى فى تدريس الرياضيات فى تنمية جوانب التعلم الختلفة )المعرفية والمهارية والوجدانية( وذلك لتحقيق التنمية المهنية، وقد قامت الدراسة بالتركيز على استخدام استراتيجية العصف الذهنى وحل المشكلات كإستراتيجيتن أساسيتين قائم عليها المدخل التفاوضى بنموذجه التدريسى ، وقد اثبتت الدراسة فاعلية المدخل التفاوضى فى تنمية جوانب التعلم الثلاثة وفى تحقيق التنمية المهنية من خلال تدريس بعض وحدات منهج الرياضيات للمرحلة الثانوية.[7]
دراسة "برنت واخرون" (2010)
هدفت الدراسة الى تنمية ميول طلاب المرحلة الثانوية نحو تاريخ الوطن من خلال استخدام المدخل التفاوضى القائم على نظرية التعليم المستمر ،ولقد اثبتت نتائج الدراسة فاعلية المدخل التفاوضى فى تدريس تاريخ الشعوب لتنمية الميل وتحقيق التعلم المستمر لطلاب المرحلة الثانوية.[8]
دراسة "سيكستون واخرون" (2008)
هدفت الدراسة الى تنمية مهارات التفكير للطلاب المعلمون وذلك من خلال تطبيق المدخل التفاوضى ومحاكاة نماذج التفاوض التى يستخدمها الطلاب فى مجالات حياتهم المختلفة وذلك بهدف التدريب على ممارسة قواعد التفكير خلال قيامهم بعمليات التفاوض، وقد اثبتت نتائج الدراسة فاعلية المدخل التفاوضى كمدخل تدريسى يسمح للطالب المعلم بممارسة مهارات التفكير المختلفة اثناء التفاوض. [9]
دراسة "انتال واخرون" (2008)
هدفت الدراسة الى تنمية مهارات التفكير التاريخى والوعى الثقافى والسياسى لدى طلاب المرحلة الثانوية من خلال تطبيق المدخل التفاوضى واستخدام نموذجة فى تدريس بعض الموضوعات السياسية والتاريخية والتى تبرز وتركز على ماهية تباين الثقافات ودورها فى التاثير على التعاملات الدولية ومجريات الاحداث التاريخية، وقد اثبتت الدراسة فاعلية المدخل التفاوضى كمدخل تدريسى فى تدريس تلك الموضوعات وفى تنمية مهارات التفكير التاريخى والوعى الثقافى والسياسى لطلاب المرحلة الثانوية.[10]
دراسة "فيهاكاكوسكاى واخرون"(2008)
هدفت الدراسة الى تنمية تحصيل الطلاب المعاقين لمادة التاريخ من خلال تطبيق المدخل التفاوضى القائم على محاكاة المواقف التفاوضية التى ربطت بين دول العالم، وذلك من خلال وضعهم على طاولة التفاوض ومحاكاتهم لمجريات الاحداث اثناء التفاوض ، وقد اثبتت نتائج الدراسة فاعلية المدخل التفاوضى فى تنمية تحصيل وميول الطلاب المعاقين تجاه مادة التاريخ، وقد اوصت الدراسة باهمية المدخل التفاوضى كمدخل تدريسى يجب استخدامه لما له من فاعلية فى تنمية تحصيل وميول الطلاب المعاقين تجاه مادة التاريخ.[11]
دراسة "ابراهيم عبد الفتاح ابراهيم" (2006)
التى اثبتت فاعلية المدخل التفاوضى فى تنمية القيم الاستقصائيه لدى طلاب المرحله الثانويه ،واشارت الى مدى ما يوفره المدخل من فرص تجعل من المتعلم شخص ايجابى قادرعلى الاختيار والتحليل والتفكير والاستقصاء وتقويم الذات ، ومن المعلم شخص مشارك  معين للمتعلم ، ومن منهج التاريخ منهج مفتوح وثرى بالمعلومات التى تساعد المتعلم على ادراك ماهية الاحداث التاريخيه التى مرت بها مصر. [12]
دراسه "ثناء عبد المنعم رجب حسن" (2005)
واكدت فاعلية المدخل التفاوضى على تنمية مهارات التعبير الابداعى و الاتجاه نحو الماده لدى طلاب الصف الاول الثانوى ، واكدت هذه الدراسه فاعلية المدخل فى تنمية جوانب التعلم المختلفه ( المعرفيه- المهاريه- الوجدانيه) كما اشارت الى فاعليه المدخل فى تنمية ميول الطلاب نحو مادة التاريخ.[13]
دراسة "وليم عبيد" (2004)
قام بتقديم تصورا للمدخل التفاوضى فى التدريس ،واكد اهميه هذا المدخل كمدخل تدريسى للمناهج التعليميه المختلفه وكطريقة تدريس فعاله حيث يكون المعلم والمتعلم ايجابين ،كما انه ينمى كلا من تحصيل المتعلم ومهاراته وقيمه فهو يعنى بكل جوانب التعليم الثلاثه.[14]
دراسة "ام كرستن واخرون" (2003)
هدفت الدراسة الى تنمية المهارات التحليلية والمعرفية واللغوية من خلال تطبيق المدخل التفاوضى واستخدامه كنموذج تدريسى صالح للتطبيق من خلال مادة التاريخ واللغه الانجليزبة، وقد تم تطبيق هذا المدخل على طلاب المدرسة العليا وتم عرض نتائج الدراسة ونشرها فى المؤتمر العالمى للعلوم فى مدينة هاواى.[15]
وبعد ان تناولنا بالذكر الدراسات التى اكدت فاعلية المدخل التفاوضى فى تنمية التحصيل ومهارات التفكير التاريخى والميل نحو التعلم لدى طلاب المراحل التعليمية المختلفة ، سوف نتناول بالتفصيل ماهية التحصيل الدراسى والمعرفى ، ثم نتعرف على ماهية التفكير التاريخى ومهاراته واهميته ثم نقوم بالتعرف عل تعريف الميول وانواعها ،ودور معلم التاريخ فى تنمية مهارات التفكير التاريخى والميول والاستراتيجيات والطرق التى اوصت الدرسات والبحوث السابقه باستخدامها لما لها من فاعلية فى تنمية مهارات التفكير والميول وذلك من خلال المدخل التفاوضى.


[1]احمد ابراهيم شلبى ويحيى عطيه سليمان واخرون:تدريس الدراسات الاجتماعيه بين النظريه والتطبيق ،1998،ص73
[2] Harri Ehtamo, Raimo P. Hämäläinen, Ville Koskinen: An E-learning Approach for Teaching Mathematical Models of Negotiation Analysis, pp.22-34,2002

[3] - M. Barbuceanu and W.-K. Lo,“Theoretic Negotiation for teaching”, In
F. Dignum and U. Cortés (eds.), Springer, Berlin, 2003, pp. 15-30.

أحمد حسين اللقانى وآخرون:تدريس الدراسات الاجتماعية،جزءثاني،القاهرة،عالم الكتب،1990[4]
[5] - H. Ehtamo, M. Verkama and R.P. Hämäläinen, “How to Select Fair Improving Directions in a Negotiation Model over Continuous Issues”,  Vol. 29, 1999, pp. 26-33.
[6] - Kersten, G., Negotiations and e-negotiations: management and support, Concordia Univeristy,http://mis.concordia.ca/projects/negocourse/nego_course/index.html, 2002, referred 24.09.2003
[7] -Gresalfi, Melissa SommerfeldPrevious Reference, Eric Data Base, v42 n3 p270-304 May 2011
[8] -- Burnette, Diane M ,Previous Reference, Eric Data Base, v58 n1 p3-11 2010
[9] --Sexton, Dena M., Previous Reference, Eric Data Base v35 n3 p73-88 Sum 2008
[10] -Antal, Ariane BerthoinFriedman, Victor J.: Previous Reference, Eric Data Base, v32 n3 p363-386 2008
[11] -Vehkakoski, Tanja M.: Previous Reference, Eric Data Base, v52 n5 p495-512 Oct 2008

[12]ابراهيم عبد الفتاح ابراهيم،"اثر استخدام المدخل التفاوضى ومهام الاداء فى تدريس التاريخ على تنمية القيم الاستقصائيه لدى طلاب المرحله الثانويه"،العدد السادس يناير 2006
 ثناء عبد المنعم رجب،" اثر استخدام المدخل التفاوضى واسلوب الحافظه على تنمية مهارات التعبير الابداعى والاتجاه نحو الماده لدى طلاب الصف الاول الثانوى، العدد المائه ،يناير 2005- [13]
[14] وليم عبيد، "المدخل المنظومى والمنهج التفاوضى ، ابريل  2004
[15] - M. Kersten, M. Haley and G. Kersten, “Previous Reference”, Hawaii, 2003.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق